فيهم شغل شاغل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأصحابه عن السير بالدعوة في طريق التبليغ، بعيدة عن المعوّقات. ولكان فيه مصادمة لحكمة الاستسرار بالدعوة، لتجتذب إلى ساحاتها أصحاب القلوب الواعية، والعقول السليمة، الذين تتكون منهم كتائبها، عندما تسنح الفرصة لظهورها والجهر بها، وهي قويّة الشكيمة، ثابتة الدعائم، وطيدة الأركان!
تخفيف الأزمات النفسيّة:
ونبصر تخفيف الأزمات النفسيّة التي كانت -لو استمرّ المهاجرون في إبقائهم بمكّة، لم يهاجروا- تضيف أعباء جديدة إلى الأعباء التي يتحملها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تلقي الوحي برسالته، وحمل أمانة تبليغها والإنذار بها، وهو - صلى الله عليه وسلم - يرى أصحابه رضي الله عنهم يُؤذَوْن أشدّ الأذى، ويعذّبون أقسى العذاب، ولا يستطيع منعهم وحمايتهم مما يلاقون، دون أن يؤذن لهم -كما أسلفنا- في رد الاعتداء!
[إفساح طريق التبليغ]
ونبصر إفساح المجال أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للسير بالدعوة قدُماً في طريق التبليغ، ولا شك أن هجرة من هاجر من المسلمين كان فيها هذا الإفساح الذي يخفّف من الأعباء النفسيّة التي تشغل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتفكّر في أمرهم، وهم يتعرضون للفتنة في دينهم بما ينالهم في أنفسهم من شديد الأذى، وفادح البلاء!
والذين يقرؤون أسماء من هاجر إلى الحبشة أوّلاً وثانياً، يعرفون أنسابهم وبيوتهم، وأحوالهم الاجتماعيّة، ومكانتهم في أقوامهم، يعلم علم اليقين أن