للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكوراني لـ (التأديب)، وتلبيس يغوي العامة ممنوع منفيّ بالنصّ عن المخلَصين؟ فهل في دنيا العقل السليم أبشع من هذا أو أقبح اعتقاداً منه؟ ولكن التعصّب لا يبالي بصاحبه أن يخرّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق!

[المفسدة الخامسة]

ومن المفاسد اللازمة على كون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هو الناطق بما ألقاه الشيطان على لسانه من كلمات الكفر ومدح الأوثان، التقوّل على الله إمّا محمداً، وإما خطأ، أو سهواً، وكل ذلك محال في حقّه - صلى الله عليه وسلم -، وقد أجمعت الأمّة -على ما قال القاضي عياض- على عصمته - صلى الله عليه وسلم - فيما كان طريقه البلاغ من الأقوال عن الأخبار، بخلاف الواقع، لا قصداً ولا سهواً!

قال الشيخ الكوراني (١): التقوّل تكلّف القول، ومن لا يتبع إلا ما ألقي إليه من الله تعالى حقيقة، أو اعتقاداً -فاسداً- ناشئاً عن تلبيس غير مخلِّ، لا تكلّف للقول عنده، فلا تقوّل على الله تعالى أصلاً!

هذا منطق (٢) الغرنوقيّين، فهم يرون أن قولاً لبّس به الشيطان على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأدخله عليه على أنه من القرآن، وبلّغه النبي - صلى الله عليه وسلم - للأمة كذلك بعد أن قبله واعتقده، وهو أخبث القول وأشدّه مناقضة لعقيدة التوحيد، وأسرعه هدماً ونقضاً لأصول الرسالة لا يعدّ (في نظر الغرنوقيّين) تقوّلاً على الله تعالى؛ لأن التقوّل تكلّف القول وهذا لا تكلّف فيه، وإنما ألقي إليه إلقاء أشبه بالزحلقة، فلم يميز بينه وبين كلام الله المنزل بالوحي الصادق في إعجازه الأسلوبيّ والمعنويّ،


(١) انظر: روح المعاني: ٩: ١٧١.
(٢) السابق: ١٢٤ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>