والمستشرقون جميعاً فيهم قدر مستشرك من هذا الجانب، والتفاوت -إن وجد بينهم- إنما هو في الدرجة فقط، فبعضهم أكثر تعصّباً ضدّ الإسلام وعدواةً له من البعض الآخر، ولكن يصدق عليهم جميعاً أنهم أعداؤه!
وإذا كان الاستشراق قد قام على أكتاف الرهبان والمبشّرين في أوّل الأمر، ثم اتصل من بعدهم بالمستعمرين، فإنه مازال حتى اليوم يعتمد على هؤلاء وأولئك، ولو أن أكثرهم يكرهون أن تنكشف حقيقتهم، ويؤثرون أن يختفوا وراء مختلف العناوين والأسماء! (١)
[المستشرق اليهودي (يوسف شاخت) وأسطورة الغرانيق]
ومن هنا نستطيع أن نتصوّر ما قاله المستشرق اليهودي (يوسف شاخت)، في (دائرة المعارف الإِسلامية) تحت مادة (أصول): إن أول مصادر التشريع في الإسلام، وأكثرها قيمة (هو الكتاب)، وليس هناك من شك في قطعيّة ثوبته وتنزّهه عن الخطأ، على الرغم من إمكان سعى الشيطان لتخليطه .. ثم استشهد بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢)} (الحج)!
[المستشرق (بروكلمان) وغيره]
ولم ينفرد هذا المستشرق بهذا الزعم، فقد شاركه المستشرق (بروكلمان)
(١) المبشرون والمستشرقون في موقفهم من الإِسلام، للدكتور محمد البهي: ٢ وما بعدها بتصرف، وانظر: السنة بين أنصارها وخصومها، للمؤلف: ٦١٩ وما بعدها.