للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هذا؟ ذمّ ثم مدح ثم ذمّ لذات الشيء، فلو أن القصّة صحيحة لما كان هناك تناسب بينها وبين ما قبلها وما بعدها، ولكان النظم مفككاً والكلام متناقضاً، وهو مما لا يخفى على المبتدئين في تعلّم اللغة العربيّة، دعك عن عرب قريش، أهل الفصاحة والبيان. (١)

أمّا الآية التي اقترن تفسيرها بقصة الغرانيق: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢)} (الحج)!

فخلاصة ما يُقال عنها: إن تفسير البخاري (التمنّي) بما نقله عن ابن عباس غير ملزم لتعيين تفسير (التمنّي) في الآية بـ (التلاوة والقراءة)، وهو التفسير الذي كان مفتاحاً لباب اختراع أكذوبة الغرانيق، وما اشتملت عليه من طامات وبلايا لأن التمنّي جاء في الآية مطلقاً عن قيد الإضافة إلى الكتاب، فلم يذكر له مفعول قيّد به. (٢)

[البطلان من حيث الزمان]

قال ابن حجر: هذه القصة وقعت بمكّة قبل الهجرة اتفاقاً، فتمسّك بذلك من قال: إن سورة الحج مكّية، لكن تعقّب بأن فيها أيضاً ما يدلّ على أنها مدنيّة .. فالذي يظهر أن أصلها مكّي، ونزل فيها آيات بالمدينة، ولها نظائر! (٣)


(١) انظر: السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة: ١: ٣٧١ - ٣٧٢، وفقه السيرة: الغزالي: ١١٨.
(٢) انظر: محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ٢: ٧٣ وما بعدها.
(٣) فتح البخاري: ٨: ٤٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>