بعض أسرار الحياة إنما هو قطرة من محيط العجائب الكونيّة والسنن الإلهيّة، ولم يدّع أحد منهم أن العقل يستطيع أن يصل إلى مجهول الأسرار جميعها في هذا الكون العظيم!
[آيات الله]
وجيلنا اليوم -وهو في أول القرن الخامس عشر الهجري- يشهد أعمالاً في طبّ الجراحة وزرع الأعضاء الداخليّة والخارجيّة في جسم الإنسان وسائر الحيوان، كانت في الماضي من المحاولات في نظر العقل والعلم، ولا نذكر هذا لنفسر به المعجزات الإلهيّة التي يُجريها الله تعالى على مقتضى سنن إلهيّة خاصة، تختلف في أسلوبها وحقائقها مع أسلوب وحقائق السنن الإلهيّة العامة، وكلها من عند الله!
ومن ثم كان وقوع هذا الحدث الخطير للرسول - صلى الله عليه وسلم - من أعجب الأعاجيب الكونيّة، وأعظم خوارق السنن العامة، وأضخم الآيات الحسيّة التي تحيلها عادات الناس ومألوفاتهم، وتستبعدها عقول غير المؤمنين بالنظر لمعارفها من سنن الحياة العامة المتكررة، وبالنظر إلى قضايا العلم التجريبي!
ومجرد إحالة العادة المألوفة للناس في مجرى حياتهم العامة، ومجرد استبعاد العقول المقيِّدة بأغلال الحسّ والحواسّ، وسنن الحياة العامة المكررة، لا يكفي كل ذلك للحكم بعدم الوقوع، وتبقى المسألة في دائرة الإمكان، مستندة إلى سلطان القدرة الإلهية، والإرادة الربانيّة، التي لا تتقيّد بسنن الحياة العامة، ومعروف العقل القاصر، وقضايا العلم المادي؛ لأن الله تعالى الذي خلق هذه السنن العامة لنظام الحياة، وأوصل العقول إلى معارفها، وهداها إلى قضايا العلم، هو الذي يخلق سنناً لأحداث يُجريها في أوقاتها ومناسباتها!