ومن خلال هذه الآية -بالإضافة إلى ما قبلها- تبرز لنا معالم كثيرة في طريق الجماعة المسلمة يومذاك، كما تبرز معالم كثيرة في النفس البشريّة في كل حين:
[المعلم الأول]
يبرز لنا مدى الخلخلة في الصف المسلم، وعمق آثار التبطئة والتعويق والتثبيط فيه، حتى لتكون وسيلة الاستنهاض والاستجاشة، هي تكليف النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقاتل في سبيل الله -ولو كان وحده- ليس عليه إلا نفسه، مع تحريض المؤمنين، غير متوقّف مُضيه في الجهاد على استجابتهم أو عدم استجابتهم! ولو أن عدم استجابتهم -جملة- أمر لا يكون، ولكن وضع المسألة هذا الوضع يدلّ على ضرورة إبراز هذا التكليف على هذا النحو، واستجاشة النفوس له هذه الاستجاشة، فوق ما يحمله النصّ من حقيقة أساسيّة ثابتة في التصوّر الإِسلاميّ، وهي أن كل فرد لا يكلّف إلا نفسه!
[المعلم الثاني]
كما يبرز لنا مدى المخاوف والمتاعب في التعرّض لقتال المشركين يومذاك .. حتى ليكون أقصى ما يعلّق الله رجاء المؤمنين: أن يتولّى هو سبحانه كفّ بأس الذين كفروا، فيكون المسلمون ستاراً لقدرته في كفّ بأسهم عن المسلمين .. مع إبراز قوّة الله سبحانه، وأنه {أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (٨٤)}!