للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - الصحف السماويّة في ميزان العلم والتاريخ:

وما زالت الصحف السماويّة عرضة للتحريف والتخريف، والتبديل والضياع (١)، فلم يتكفّل الله -عَزَّ وَجَلَّ- بحفظها وبقائها، بل أسند ذلك إلى علمائها وحملتها, ولم تحتَج إليها الأمم التي خوطبت بها إلا لفترة من الزمان: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)} [المائدة]!

[٣ - العهد القديم]

وقد ثبت ذلك تاريخيًّا، وتواتر، وأقرَّت به الأمم والطوائف التي نزلت فيها هذه الصحف، وقد استهدفت صحف العهد القديم للتلف والإحراق والإبادة بصورة واضحة، وباتفاق المؤرخين اليهود ثلاث مرات في التاريخ:

المرة الأولى: حين قضى (نبوخذ نصر) (٦٠٥) Nabuchodonosor (ملك بابل) على (اليهود) سنة ٥٨٦ ق. م.، وأشعل النيران في (بيت المقدس) الذي حفظ فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - سليمان عليه السلام ألواح التوراة، وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون، وأخذ من سَلمَ من القتل من اليهود أسيراً إلى بابل، حيث مكثوا فيه خمسين سنة، وقد أعَاد (عزرا) الصحف الخمس الأولى التي تسمى (تورة) بحفظه، وقيد الحوادث في أسلوب تاريخي، ثم ضم إليها (نحميا) السلسلة الثانية من الكتب، مضيفاً إليها (زبور داود)!


(١) النبوة والأنبياء: أبو الحسن الندوي: ١٩٨ وما بعدها بتصرف، دار القلم، دمشق، ط. خامسة ١٤٠٠ هـ - ١٩٨٠ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>