للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسالة ورسول

[١ - إنذار الأقربين]

سبق أن عرفنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صعد الصفا وهتف داعياً إلى الله تعالى، وأوضح لأقرب الناس إليه أن التصديق بما جاء به هو حياة الصلة بينه وبينهم، وأن عصبيّة القرابة التي يقوم عليها المجتمع العربي ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتي من عند الله -عزّ وجل!

وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم -كما أسلفنا- كبير المنزلة في بلده، مرموقاً بالثقة والمحبّة (١)، وها هو ذا يواجه مكّة بما تكره، ويتعرّض لخصام السفهاء، والكبراء .. وأول قوم يغامر بخسران مودّتهم عشيرته الأقربون!

بيد أن هذه الآلام تهون في سبيل الحق الذي شرح الله به صدره، وأمره بتبليغه .. ولا عليه أن تموج مكّة بالغرابة والاستنكار، وتستعدّ لحسم هذه الثورة التي اندلعت بغتةً، وتخشى أن تأتي على تقاليدها وموروثاتها!

وبدأت قريش تسير في طريقها .. طريق اللدد، ومجانبة الصواب .. ومضى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في طريقه، يدعو إلى الله تعالى، ويتلطّف في عرض الإسلام، ويكشف النقاب عن مخازي الوثنيَّة، ويسمع ويجيب، ويبيّن ويدافع!

غير أن حرصه - صلى الله عليه وسلم - على هداية الأقربين جعله يجدّد مسعاه، محاولاً عرض الإسلام عليهم مرّة من بعد مرّة، فإن منزلتهم الكبيرة في العرب تجعل كسبهم عظيم النتائج!


(١) فقه السيرة: الغزالي: ٩٧ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>