والإيمان بالله تعالى نور يكشف ظلمات الوهم والخرافة، وظلمات الأوضاع والتقاليد، وظلمات الحيرة في تنبيه الأرباب المتفرّقة .. وفي اضطراب التصوّرات والقيم والموازين، يخرج البشريّة من هذه الظلمات كلها إلى النور الذي يكشف تلك الظلمات في عالم الضمير ودنيا التفكير .. وفي واقع الحياة والقيم والأوضاع والتقاليد! (١)
نور يشرق في القلب، فيشرق به هذا الكيان البشري، المركّب من الطينة الغليظة ومن روح الله؛ فإذا ما خلا من إشراق هذه النفخة، وإذا ما طمست فيه هذه الإشراقة استحال طينة معتمة .. طينة من لحم ودم كالبهيمة، فاللحم والدم وحدهما من جنس طينة الأرض ومادتها، لولا تلك الإشراقة التي تنبض فيه من روح الله، يرفرفها الإيمان ويجلوها، ويطلقها تشف في هذا الكيان المعتم، ويشف بها هذا الكيان المعتم!
نور تشرق به النفس، فترى الطريق .. ترى الطريق واضحة إلى الله، لا يشوبها غبش، ولا يحجبها ضباب .. غبش الأوهام وضباب الخرافات، وغبش الشهوات، وضباب الأطماع .. ومتى رأت الطريق سارت على هدى، لا تتعثَّر ولا تضطرب ولا تتردّد ولا تحتار!
نور تشرق به الحياة، فإذا الناس كلهم عباد متساوون، تربط بينهم آصرتهم في الله، وتتمحّض دينونتهم له دون سواه، فلا ينقسمون إلى عبيد وطغاة. وتربطهم بالكون كله رابطة المعرفة .. معرفة الناموس المسيّر لهذا الكون وما فيه ومن فيه، فإذا هم في سلام مع الكون وما فيه ومن فيه!