وصدّقته، وزادته من حبّها وحنانها ما كان له نعم المعين في هذه المرحلة التي كانت مرحلة إعداد للرسالة الخاتمة الخالدة!
[حقيقة الرسالة]
ورسالة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - ليست كالرسالات التي سبقتها في المنهج العملي؛ لأنها رسالة عامة خاتمة لجميع الرسالات الإلهيّة .. بدأت بالتصفية لعلائق البشريّة بالطبيعة الروحانيّة التي يتلقّى بها وحي التبليغ عن الملأ الأعلى -كما سبق في حديثنا عند بدء الوحي- وحدّث الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما رآى، ولقي وتلقّى، فعرفت أم المؤمنين خديجة بفراستها الواحية، وحسّها المرهف، وشعورها المستشرق أن هذا الأمر لم يعد أمر حياة زوجيّة، يملؤها الحنان والوفاء، ولكنها وثبت إلى حياة جديدة في معالمها التي تنبئ عنها إرهاصاتها .. إلى حياة رسالة ورسوله، وحياة دعوة إلى ما لم تعرفه البيئة التي يعيش فيها محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وما لم يعرفه المجتمع العام الذي يتقلّب بين جنباته محمَّد - صلى الله عليه وسلم - .. إلى حياة تهدم وتبني، تهدم الشرك والوثنيّة، وتبني التوحيد .. تهدم الظلم وتبني العدالة .. تهدم الباطل في جميع صوره ومظاهره وتبني الحق بأدلّته وبراهينه .. تهدم الاستعباد الماديّ وتبني الحريّة الروحانيّة .. تهدم الشرّ وتبني الخير .. تهدم التقليد البليد الأبله وتبني انطلاق العقل إلى المعرفة والهداية!
تسامي حياة الصدّيقية المؤمنة:
فلترتفع خديجة الصدّيقة الأولى بحياة الزوجيّة الوفيّة إلى حياة الصدّيقيّة العظمى، حياة الإيمان بالرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم -،ولتنهض بالعبء المثقل في