للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآية على عمومها في كل كافر! (١)

وهي صريحة في قضيّة العقيدة، وكيف أنها قضيّة اقتناع بعد البيان والإدراك (٢)، وليست قضيته إكراه وغصب وإجبار!

ذلك أن (الدّين القيّم) يخاطب الإدراك البشريّ بكل قواه، يخاطب العقل المفكر، والبداهة الناطقة، والوجدان المنفعل .. كما يخاطب الفطرة المستكنّة!

وهنا يتجلّى تكريم الله للإنسان، واحترام إرادته وفكره ومشاعره، وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهُدى والضلال في الاعتقاد، وتحميله تبعة عمله وحساب نفسه!

أخص خصائص التحرّر الإنساني:

وتلك هي أخص خصائص التحرر الإنساني .. التحرر الذي تنكره على الإنسان في هذا العصر مذاهب متعسّفة، ونظم مذلّة، لا تسمح للإنسان الذي كرّمه الله باختياره لعقيدته أن ينطوي ضميره على تصوّر للحياة ونظمها غير ما تمليه عليه دول تلك المذاهب بشتى أجهزتها، وما تمليه بقوانينها وأوضاعها، فإمّا أن يعتنق ما يحرمه من الإيمان بالله، وإمّا أن يتعرّض للموت بشتّى الوسائل والأسباب!

إن حرية الاعتقاد هي (أولى حقوق الإنسان) التي يثبت له بها وصف إنسان .. والذي يسلب إنسانًا حريّة الاعتقاد إنما يسلبه إنسانيّته ابتداء!


(١) انظر: بدائع التفسير: ١: ٤١٤ وما بعدها.
(٢) في ظلال القرآن: ١: ٢٩١ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>