للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القسطلاني (١): وأجيب بأنها استفهامية، بدليل رواية أبي الأسود في مغازيه عن عروة أنه قال: (كيف أقرأ؟)، وفي رواية عبيد بن عمير عند ابن إسحاق (ماذا أقرأ؟) دلتا على أنها استفهامية، وقد جوز الأخفش دخول الباء على الخبر المثبت، وجزم به ابن مالك في (بحسبك زيد) فجعل الخبر حسبك، والباء زائدة!

قال ابن حجر (٢): فإن قيل لم كرر ذلك ثلاثاً؟ أجاب أبو شامة بأن يحمل قوله أولاً (ما أنا بقارئ) على الامتناع، وثانياً على الإخبار بالنفي المحض، وثالثاً على الاستفهام!

ويؤيده أن في رواية أبي الأسود في مغازيه عن عروة أنه قال: (كيف أقرأ؟)، وفي رواية عبيد بن عمير عند ابن إسحاق (ماذا أقرأ؟)، وفي مرسل الزهري في دلائل البيهقي (كيف أقرأ؟)، وكل ذلك يؤيد أنها استفهامية!

قلت: أرجح أنها في المرة الأولى نافية، لعدم المعرفة بالقراءة، وفي الثانية استفهامية، يراد بها استبانة ما يقرؤه، والمعنى أخبرني أي شيء أقرأ؟، وذلك لمجيء العبارة بصيغة الاستفهام (ماذا أقرأ؟)، وفي الثالثة استفهامية -أيضاً- بمعنى كيف، فهي استخبار عن الحالة التي يكون بها قارئاً، وهو الأمي الذي لم يباشر القراءة قط في حياته، وذلك لمجيء العبارة بالاستفهام الصريح (كيف أقرأ؟)، وبهذا يتم الجمع بين الروايات والأقوال!


(١) شرح الزرقاني: ١: ٢١١، وإرشاد الساري: ١: ٦٣.
(٢) فتح الباري: ١: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>