وغلبت على إبراهيم وعيسى -عليهما السلام- صفة التبشير، فكانا مبشّريْن!
ومن الأنبياء من غلب عليه وصف الإنذار لمن خالف الحق وجحده، فكانوا منذرين، كنوح، وموسى، وهود، وشعيب - عليهم السلام!
ومنهم من غلبت عليه صفة الدعوة إلى الحق، وامتاز بها أكثر مما امتاز بسائر النعوت الأخرى، كيوسف ويونس - عليهما السلام!
وأما من كان جامعاً لهذه الصفات كلها، واتصف بها جميعاً، وكان مبشّراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه، وسراجاً منيراً، وكانت حياته ملأى بهذه النعوت والشؤون، وسيرته ممتازة بهذه الخصال وتلك الخلال، فهو محمد خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -، المبعوث ليختم الله به النبوات؛ فأُعطي الرسالة الأخيرة ليبلغها إلى البشر كافة، وجاء بالشريعة الكاملة التي لا يحتاج البشر معها إلى غيرها, ولن تنزل من السماء إلى الأرض شريعة على قلب بشر بعد هذه الشريعة!
لقد حظيت الرسالة المحمديّة بالخلود، واختصّت بالبقاء والدوام إلى يوم القيامة، فكانت نفس محمد - صلى الله عليه وسلم - جامعةً لجميع الأخلاق العالية، والعادات السنيّة!
[٣ - مكانة النبوة والأنبياء]
والذين يقرؤون كتاب الرسالة المحمديّة:(القرآن العظيم)(١) الذي هو أول مصدر من مصادر السيرة النبويّة، قراءة فهم وتدبّر، وبحث متعمّق في معانيه وحقائقه الكونيّة، وعقائده وتشريعاته، ونظمه الاجتماعيّة وأخلاقيّاته،
(١) محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ١: ٢٢٩ بتصرف: محمد الصادق عرجون، دار القلم، دمشق ط أولى ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م.