والحقد فعميت أبصارهم، وانطمست بصائرهم، وضلّوا عن رؤية الشمس وهي تخطف بأضوائها أبصارهم، وتحدق بلبها أفئدتهم!
وقد أرشد الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يردّ على تعنتهم المعبّر عن سفه عقولهم وفساد تفكيرهم أبلغ ردّ وأوجزه، وأقطعه لحجّة المعاندين، فقال له:
أولاً: تنزيه الله تعالى عن أن يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فهو ربّ الخلق الذي ربّاهم في أطوار خلقهم، وأطوار حياتهم، وهو ربّ محمَّد - صلى الله عليه وسلم - الذي ربّاه لرسالته، فأحسن تربيته، وأرسله للناس هادياً، وعلّمه ألا يسمع إلى تعنتهم الذي لا يعرف لله وقاراً!!
ثانياً: بيان أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - عبد من عباد الله، لا يزيد في بشريّته على أي فرد من أفراد الناس، يجري عليه في بشريّته ما يجري على سائر البشر، وإنما امتيازه الأعلى في اصطفاء الله له نبيًّا ورسولاً، يهدي إلى الحق ويدعو إلى الله، فليس له أن يتحكم على ربه فيسأله ما لم يأذن له به، وما لم يكن داخلاً في إطار رسالته!
[٢٢ - المعجزة الكبرى]
والذي تعنّت به المعاندون بمقترحاتهم الفاجرة أمور لا يقدر عليها أحد من البشر، محمَّد - صلى الله عليه وسلم - فمن دونه، وإذا كان سؤالهم يقصد إلى أن يطلب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - من الله أن يظهر هذه الأمور التي اقترحوها لتكون معجزة له تدل على صدقه فيما جاءهم به من عند الله، ودعاهم إليه في رسالته ودعوته!