للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهرة حتى يعاينوه معاينة بأبصارهم، تعالى الله عما يقول الجاهلون الظالمون علواً كبيراً!

تصوّر ماديّ ترابيّ جهول، لا يدين به إلا عبيد الوثنيّة في كل عصر ومكان من الحياة؛ لأنهم لا يعرفون إلا المادة وصورها وأشكالها!

ومن هذا الغلوّ الجهول الفاجر ما رواه ابن إسحاق، قال: فلما قالوا ذلك لرسول - صلى الله عليه وسلم - قام عنهم، وقام معه عبد الله بن أبي أميّة بن المغيرة بن مخزوم، وهو ابن عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو لعاتكة بنت عبد المطلب، فقال له: يا محمَّد، عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك لأنفسهم أموراً ليعرفوا بها منزلتك من الله، كما تقول، ويصدّقوك ويتّبعوك فلم تفعل، ثم سألوك أن تأخذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم، ومنزلتك من الله فلم تفعل، ثم سألوك أن تعجّل لهم بعض ما تخوّفهم به من العذاب فلم تفعل -أو كما قال له- فوالله لا أؤمن بك أبداً حتى تتخذ إِلى السماء سُلماً، ثم ترقى فيه وأنا أنظر إِليك حتى تأتيها، ثم تأتي معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك ميتاً تقول، وايم الله، لو فعلت ذلك ما ظننت أنّي أصدّقك! (١)

جنون وعته؟ وطغيان وسفه، فالماديّون الوثنيّون في كل زمان ومكان، وجيل وقبيل، وعصر ومصر، لا يريدون بمقترحاتهم المتعنّتة أدلة على صدق دعوة الحق، ولكنهم يريدون العناد الكفور، والكفر العنيد، تملكهم الحسد


(١) السيرة النبوية: ابن هشام: ١: ٣٦٧ - ٣٦٨ صرح ابن إسحاق بالسماع وسنده منقطع، ورواه الطبري: التفسير: ١٥: ١٦٤ - ١٦٦ من طريق ابن إسحاق، دار الفكر، وابن أبي حاتم في تفسيره فيما عزاه إليه السيوطي في الدر: ٤: ٢٠٢ - ٢٠٣، وابن المنذر -أيضاً- والواحدي: أسباب النزول: ١٩٨ - ١٩٩ معلقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>