للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوحى إليه بالرؤيا الصالحة الصادقة، وهي أول مراتب وحي النبوة -كما أسلفنا- وحيث لم تكن النبوة، فلا مانع أن يخشى الرسول -صلى الله عليه وسلم- على نفسه من تلك الأمور الغريبة التي يراها ويسمعها، ولا يرى مصادرها، وذلك أمر طبيعي بمقتضى الطبيعة البشريّة التي كان يعيش بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته إنساناً مع الناس، يخالطهم، وفي الوقت ذاته يحوطه الله تعالى بحفظه، ويتولاه برعايته (١)!

أما بعد أن نزل عليه الوحي -كما عرفنا- فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (لقد خشيت على نفسي) هكذا مطلقة، دون بيان لهذه الخشية!

مع أننا نلحظ هنا -كما أسلفنا- شدة ما كابد من عناء المفاجأة، وما احتف بها من الغط المجاهد المجهد، الذي هزّ بشريته هزاً بالغ الأثر في بدنه، وتكرار ذلك بأقصى ما تحتمله طاقته البشرية!

وهذا يدعونا إلى تأييد قول الحافظ ابن حجر في هذا القول، وأبطله أبو بكر ابن العربي، وحق له أن يبطل؛ لكن لا نؤيد ما ذهب إليه الإسماعيلي، كما سيأتي:

[٣٦ - جميع الكفار كانوا يرمون رسلهم بالجنون]

وجميع الكفار كانوا يرمون رسلهم بالجنون، وقد سجل القرآن الكريم عن قوم نوح عليه السلام أنهم اتهموه بالجنون، فقالوا بعد قولهم إنه بشر مثلهم يريد أن يتفضل عليهم: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥)} (المؤمنون)


(١) محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ١: ٣٨٣ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>