للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧)} (الحاقة)! ولقوله تعالى: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩)} (الأحقاف)! وقوله: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} (النجم)!

إلى غير ذلك من النصوص القرآنيّة، والآيات التي تتحدّث عن تبليغ رسالة الله تعالى إلى الخلق صدقاً وعدلاً!

لكن الشيخ إبراهيم الكوراني (وأئمته الغرنوقيين) لا يقتنعون بهذا كله، ويضربون به لفح الأعاصير في سبيل تصحيحهم (أكذوبة الغرانيق)، ولا نقتحم الغيب فنتظنَّن لالتفات النيّات والمقاصد، وإلي الله الملتقى وهو عليم بذات الصدور!

ويردّ الشيخ إبراهيم الكوراني على الوجه الثالث من وجوه المفاسد الغرنوقيّة، فيقول الآلوسي (١): وما ذكره في الجواب من أنه لابدّ من حمل الكلام على الاستفهام أو حذف القول، وهو دون الأوّل -إذا صحّ الخبر- لكن إثبات صحّة الخبر أشدّ من خرط القتاد، فإن الطاعنين فيه من حيث النقل -كما عرفنا- علماء أجلاّء، عارفون بالغثّ والسمين من الأخبار، وقد بذلوا الوسع في تحقيق الحقّ فيه، فلم يرووه إلا مردوداً، أو ممّا ألقى الشيطان إلى أوليائه معدوداً، وهم أكثر ممن قال بقبوله، ومنهم من هو أعلم منه، ويغلب على الظن أنهم وقفوا على رواته في الطرق فرأوهم مجروحين، وفات ذلك القائل بالقبول، ولعمري إن القول بأن هذا الخبر مما ألقاه الشيطان على بعض ألسنة الرواة -أي المغفّلين- ثم وفّق الله تعالى جمعاً من خاصّته لإبطاله لأهون من


(١) انظر: روح المعاني: ٩: ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>