أن سمع مثله روعةً وبلاغةً وحقائق كونيّةً، وأمثالها من الأحداث المشهورة المعروفة في تاريخ مطلع الرسالة، وأيّام كفاحها الأولى في نضالها المرير!
هؤلاء الأجلاف أهل الجهالة الجاهلة، والوثنيّة الضالّة، يدركون إعجاز القرآن، ويفرقون بينه وبين سائر الكلام، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - سيّد البشر لقانة وعقلاً، وأفضلهم فضلاً، وأنبلهم نفساً، وأصفاهم طبيعة، يُدخل عليه الشيطان أقبح الكلام عقيدة، وأسقطه أسلوباً، وأحطّه معاني، فيتقبّله -في زعم الغرنوقيّين- وما فيه من التناقض، وامتزاج المدح بالذم، والكفر بالإيمان، والتوحيد بالشرك، هذا الذي لم يكن ولا يكون، وهو المستحيل عقلاً ونقلاً، ولا يعتقده مؤمن، ولا يقبله إلا عقل ممرور!
أمّا من جهة العقل فلما يلزمه لزوماً بيّناً من نسبة الجهل بإعجاز القرآن إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولما يلزمه لزوماً بيّناً من الافتراء على الله وتقويله ما لم يقل، وما ينزله في وحيه .. ولما يلزمه لزوماً بيّناً من سلب العصمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يبلّغه عن الله تعالى، والعصمة في هذا مما أجمع عليه الناس سوى (الغرنوقية) .. ولما يلزمه لزوماً بيّناً تبليغ الكفر في مدح الأوثان إلى الأمّة، والأمة مأمورة بالتأسّي بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومتابعته فيما يبلّغه إليها .. وهذا يتضمّن هدم الرسالة التوحيديّة، ويرفع أعلام الشرك .. ولما يلزمه لزوماً بيّناً من رفع الثقة بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - والوحي كله فيما يستقبل من الزمان!
وأمّا من جهة النقل، فلقوله تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}(الإسراء: ٦٥)! ولما يلزمه من تصديقه للكافرين في قولهم عن القرآن: {بَلِ افْتَرَاهُ}(الأنبياء: ٥)! وفي قولهم: {افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}(الشورى: ٢٤)! ولقوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ