إن الذين يقولون هذا القول، وينسبون ما يصيبهم من الخير إلى الله، وما يصيبهم من الضرّ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتمل فيهم وجوه:
[الوجه الأول]
إنهم يتطيّرون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فيظنونه -حاشاه- شؤماً عليهم، يأتيهم السوء من قبله، فإن أجدبت السنة، ولم تنسل البهيمة، أو إذا أصيبوا في موقعة، تطيّروا بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأمّا حين يصيبهم الخير فينسبون هذا إلى الله!
[الوجه الثاني]
إنهم يريدون عامدين تجريح قيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، تخلّصاً من التكاليف التي يأمرهم بها .. وقد يكون تكليف القتال منها أو أخصها، فبدلاً من أن يقولوا: إنهم ضعاف يخشون مواجهة القتال، يتّخذون ذلك الطريق الملتوي الآخر! ويقولون: إن الخير يأتيهم من الله، وإن السوء لا يجيئهم إلا من قبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن أوامره، وهم يعنون بالخير أو السوء النفع أو الضرّ القريب الظاهر!
[الوجه الثالث]
هو سوء التصوّر فعلاً لحقيقة ما يجري لهم وللناس في هذه الحياة، وعلاقته بمشيئة الله، وطبيعة أوامر النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم، وحقيقة صلة الرسول بالله سبحانه وتعالى!
وهذا الوجه الثالث -إذا صحّ- ربما يكون قابلاً لأن يوسم به ذلك الفريق الذي كان سوء تصوّرهم لحقيقة الموت ولأجل يجعلهم يخشون الناس كخشية الله أو أشدّ خشية، ويقولون:{رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}!