وقد وعى الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- ما سمعوا، وما شاهدوا، وحرصوا أشدّ الحرص وأبلغه على حفظه ونشره، حرصاً لم يعرف عن أمّة نبيّ من الأنبياء!
وجاء التابعون وتابعوهم بإحسان، فحملوا الراية، وأدّوا الأمانة، وبلّغوا حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتتابع المسلمون جيلاً بعد جيل يحفظون ويبلغون!
[٣ - قواعد التحديت رواية ودراية]
وقد كان لقواعد التحديث روايةً ودرايةً الأثر الفعال في وضع الموازين التي تكفل السلامة للباحثين، وتقيم الحجّة على المفسدين المغالطين، ممن ساءت نواياهم حيال هذا الدّين، فاتهموا هذه القواعد بما لا يقوم على ساق ولا قدم، ولا يستقرّ عند البحث والنظر!
أجل، إن في هذه القواعد التي لا نظير لها عند غير المسلمين فوائد مهمة فريدة، ومباحث جمّة مفيدة، ومعارف رائعة وحيدة، ومعالم عالية عجيبة، وتحقيقات بديعة لطيفة، نفيسة شريفة، لا يستغني عنها من يشتغل بالبحث في العلوم الشرعية، والطرق الحكميّة، والأدلة اليقينيّة!
إنها عصمة من الزلل، ولولاها لقال من شاء في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما شاء، وخبط الناس في ذلك خبط عشواء، وركبوا من عمياء!
إنها مقدمة العلوم الشرعيّة ومفتاحها، ومشكاة الأدلّة اليقينيّة ومصباحها، وعمدة المناهج العلميّة ورأسها!
وليعلم من يريد أن يعلم (١):
(١) مقدمة سنن الترمذي: أحمد شاكر: ٧١ وما بعدها، الحلبي، ط ثانية ١٣٩٨ هـ ١٩٧٨ م.