من إنسان أسلس للعصبيّة المذهبيّة قياده، حتى ملكت عليه رأيه، وغلبته على أمره، فحادت به عن طريق الهدى، وقذفت به في مهاوي الردى!
أو من إنسان قرأ شيئاً من العلم فداخله الغرور، إذ أعجبته نفسه فتجاوز بها حدّها، وظن أن عقله هو كل شيء في هذا الوجود، وأنه (الحكم الترضى حكومته) فذهب يلعب بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيرته، يصحّح منها ما وافق هواه، وإن كان مكذوباً موضوعاً، ويردّ ما لم يعجبه، وإن كان الثابت الصحيح!
أو من إنسان استولى أعداء الحق على عقله وقلبه، فلا يرى إلا بأعينهم، ولا يسمع إلا بآذانهم، ولا يهتدي إلا بهديهم، ولا ينظر إلا على ضوء نارهم، يحسبها نوراً، ثم هو قد سماه أبواه باسم إسلامي، وقد عدّ من المسلمين -أو عليهم- في دفاتر المواليد، وفي سجلات الإحصاء، فيأبى إلا أن يدافع عن هذا الإسلام الذي ألبسه جنسيّة، ولم يعتقده ديناً، فتراه يتأوّل النصوص، ليخضعها لما تعلّم من ضلالات أساتذته، ولا يرضى من الأحاديث والسيرة ما يخالف أهواءهم وضلالاتهم!
أو من إنسان مثل سابقه، إلا أنه أراح نفسه، وأراح الناس من التعرّف على هويّته، فاعتنق ما نفث أعداء الحق في روحه من انحرافاتهم وضلالاتهم، ثم هو يأبى أن يعرف الإسلام ديناً ويعترف به، إلا في بعض شأنه في التسمّي بأسماء المسلمين، وفي بعض المظاهر!
أو من إنسان عُلّم في معاهد هؤلاء، فعرف من أنواع العلوم كثيراً، ولكنه لم يعرف عن دينه إلا نزراً أو قشوراً، ثم خدعته مدنيّة هؤلاء عن نفسه، فظنّهم بلغوا من المدنيّة الكمال والفضل، وفي نظريّات العلوم اليقين والبداهة، ثم