للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسن، والذي معي أفضل من هذا، قرآن أنزله الله تعالى عليّ، هو هُدى ونورٌ. فتلا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودعاه إلى الإِسلام، فلم يَبعُد منه، وقال: إن هذا القول حسن، ثم انصرف عنه، فقدم المدينة على قومه، فلم يلبث أن قتلته الخزْرج، فإِن كان رجال من قومه ليقولون: إِنا لنراه قد قُتل وهو مسلم، وكان قتله يوم بعاث! (١)

[منهج الدعوة إلى الله]

تلك المحن القاسية كانت صيقَلاً لعزائم المؤمنين (٢)، ومدداً لرسول - صلى الله عليه وسلم -، ودروساً للتربية، في مستقبل الدعوة القريب والبعيد، وتأسيساً لمنهج الوراثة في الدعوة إلى الله!

ومن ثم لم تكن تلك المحن سوانح تمرّ، ولكنها كانت ثوابت تتوالى صورها وتتابع ألوانها، فلم تكن تمضي محنة حتى تتبعها شدّة، ولم تكد تذهب شدّة حتى تليها محنة، وكان الاعتصام بالصبر الصبور هو الدّرع الحصينة التي يلجأ إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ولم يعرف أن موقفاً من هذه المواقف استفزَّه - صلى الله عليه وسلم -، فغيّر من هدوئه ووداعته، ولم يعرف أن أحداً من أصحابه الأوَّلين آثر العافية على مرارة الصبر، والرضا بمحن البلاء!

ولهذا كان لابدّ أن تستوفي المسيرة نصيبها من (التمحيص الذي يصنع حياة المجتمع المسلم)، ليقوى على الإمساك بزمام القيادة الإنسانيِّة إلى آفاق العزَّة وصادق الإيمان بالله إلهاً واحداً، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد!


(١) السابق: ٧٧ - ٧٩، وانظر: الإصابة: ٢: ٩٨ وقد صرح ابن إسحاق بالسماع، وفيه جهالة الأشياخ من قومه، والبيهقي: "الدلائل": ٢: ٤١٨، والطبري: التاريخ: ٢: ٣٥١ - ٣٥٢.
(٢) محمَّد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ٢: ٣٠٥ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>