والتمحيص عمليّة كشف لمكنونات الشخصية، وتسليط الضوء على هذه المكنونات، تمهيداً لإخراج ما علق بها من دخل ودغل .. وهو درجة بعد الفرز والتمييز، (١) وعمليّة تتمّ في داخل النفس، وفي مكنون الضمير .. عمليّة كشف لمكنونات الشخصية، وتسليط الضوء على هذه المكنونات، تمهيداً لإخراج الدخل والدغل والأوشاب، وتركها نقيّةً واضحةً مستقرّةً على الحق، بلا غبش ولا ضباب!
وكثيراً ما يجهل الإنسان نفسه، ومخابئها ودوروبها ومنحنياتها .. وكثيراً ما يجهل حقيقة ضعفها وقوّتها، وحقيقة ما استكنّ فيها من رواسب، لا تظهر إلا بمثير: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (١٤١)} (آل عمران)!
وفي هذا التمحيص الذي يتولاه الله سبحانه بمداولة الأيّام بين الناس بين الشدّة والرخاء يعلم المؤمنون من أنفسهم ما لم يكونوا يعلمونه قبل هذا المحكّ المرير، محكّ الأحداث والتجارب والمواقف العمليّة الواقعيّة!
ولقد يظن الإنسان في نفسه القدرة والشجاعة والتجرّد والخلاص من الشحّ والحرص .. ثم إذا هو يكشف -على ضوء التجربة العمليّة وفي مواجهة الأحداث الواقعيّة- أن في نفسه عقابيل لم تمحص، وأنه لم يتهيّأ لمثل هذا المستوى من الضغوط!
ومن الخير أن يعلم هذا من نفسه، ليعاود المحاولة في سبكها من جديد،