المستكبرون الذين لا يريدون أن يتخلّوا عن الطغيان والاستكبار .. وينهد لحربها المستهترون المخلّون؛ لأنهم لا يريدون أن يتخلّوا عن الانحلال والشهوات .. ولابدّ من مجاهدتهم جميعاً، ولابدّ من الصبر والمصابرة، ولابدّ من المرابطة والحراسة، كي لا تؤخذ الأمّة المسلمة على غرّة من أعدائها الطبيعيّين، الدائمين في كل أرض وفي كل جيل عبر التاربخ!
هذه طبيعة الدعوة، وهذا طريقها .. إنها لا تريد أن تعتدي، ولكن تريد أن تقيم في الأرض منهجها القويم ونظامها السليم .. وهي واجدة أبداً من يكره ذلك المنهج وهذا النظام، ومن يقف في طريقها بالقوّة والكيد، ومن يتربّص بها الدوائر، ومن يحاربها باليد والقلب واللسان .. ولابدّ لها أن تقبل المعركة بكل تكاليفها .. ولابدّ لها أن ترابط وتحرس ولا تغفل لحظةً ولا تنام!
والتقوى .. التقوى تصاحب هذا كله؛ فهي الحارس اليقظ في الضمير يحرسه أن يغفل، ويحرسه أن يضعف، ويحرسه أن يعتدي، ويحرسه أن يحيد عن الطريق من هنا ومن هناك!
ولا يدرك الحاجة إلى هذا الحارس اليقظ، إلا من يعاني مشاق هذا الطريق، ويعالج الانفعالات المتناقضة المتكاثرة المتواكبة في شتّى الحالات وشتّى اللحظات!
إنه الإيقاع الأخير .. وهو جماعها كلها، وجماع التكاليف التي تفرضها هذه الدعوة في عمومها؛ ومن ثم يعلق الله بها عاقبة الشوط الطويل، وينوط بها الفلاح في هذا المضمار:{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}!