للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكتسب به ثناءً ولا حمدًا!، ففيم إذن يجمع هذا المسكين، أيحسب أن ماله سيحمله معه إلى قبره؟!

هل غابت عنه هذه الحقيقة الأخرى؟

ألم يعلم أن الميّت يتبعه ثلاثة: أهله وماله وعمله؟ وأن اثنين يرجعان، ولا يبقى معه إلا واحد، يرجع عنه أهله وماله، ولا يبقى إلا عمله!

يروي الشيخان وغيرهما عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يتبع الميّت ثلاثة، فيرجع اثنان، ويبقى واحد، يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله" (١)!

وصدق الله العظيم: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} (الأنعام: ٩٤)!

لا خلود إذن أيّها الكانزون، لتتمتّعوا بأموالكم في هذه الحياة، ولن تخلد هذه الأموال معكم في أكفانكم، لتؤمّنوا بها وحشة قبوركم!

تلك حقائق أولية، يعرفها كل ذي إدراك سليم، مؤمناً كان أو ملحداً!

وإنه ليكفي أدنى الانتباه ليتعيّن بها للأشحّاء مبلغ العبث، بل مبلغ السخف والسفه في تجميع هذه الأموال التي سيفارقونها، ولا ينالون منها شيئاً، لا من قبل ولا من بعد!

أما المؤمنون بالحقائق البّينة، فقد ادّخر القرآن الحكيم لهم منها نذراً أخرى،


(١) البخاري: ٨١ - الرقاق، ومسلم (٢٩٦٠)، والحميدي: المسند (١١٨٦)، وأحمد: ٣: ١١٠، والنسائي: ٤: ٥٣، وابن المبارك: الزهد: ٦٣٦، والترمذي (٢٣٧٩)، وابن حبان (٣١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>