ونبصر كل شيء يتوجّه إلى الله، فإذا الكون كله حركة وحياة، وإذا الوجود كله تسبيحة شجيّة نديّة، تنبض بها كل ذرّة في هذا الكون، وتنتفض تسبّح الله، وترتفع في جلال وكمال إلى الخالق جلّ شأنه!
ونبصر إعلان وراثة خاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم - لمقدّسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدّسات، وارتباط رسالته بها جميعاً، فهي رحلة مباركة ترمز إلى أبعد من حدود الزمان والمكان، وتشمل آماداً وآفاقاً أوسع من الزمان (١)، وتتضمّن معاني أكبر من المعاني الغريبة التي تتكشَّف عنها للنظرة الأولى!
ونبصر السياق ينتقل في مفتتح سورة الإسراء من صيغة التسبيحِ لله:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} إلى صيغة التقرير: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} إلى صيغة الوصف: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وفقاً لدقائق الدلالات التعبيريّة بميزان دقيق حسّاس!
فالتسبيح يرتفع موجّهاً إلى ذات الله سبحانه، وتقرير القصد من الإسراء يجيء منه تعالى نصًا، والوصف بالسميع البصير في صورة الخبر الثابت لذاته الإلهيّة، وتجتمع هذه الصيغ المختلفة في الآية الواحدة لتؤدّي دلالتها بدقّة كاملة!
وإنه لمشهد كونيّ فريد، حين يتصوّر المؤمن كل شيء يسبّح بحمد الله .. وإن الوجدان ليرتعش وهو يستغرق تلك الحقيقة في كل ما حوله ممّا يراه وممّا لا يراه!