حين يتدبر الإنسان نعمة الإيمان على هذا النحو، يجد الرشد الذي لا يرفضه إلا سفيه .. يترك الرشد إلى الغيّ، ويدع الهُدى إلى الضلال، ويؤثر التخبّط والقلق والهبوط والضآلة على الطمأنينة والسلام، والرفعة والاستعلاء!
إن الكفر ينبغي أن يوجّه إلى ما يستحق الكفر، وهو (الطاغوت)!
وإن الإيمان يجب أن يتّجه إلى من يجدر الإيمان به، وهو (الله)!
والطّاغوت صيغة من الطغيان، تفيد كل ما يطغى على الوعي، ويجور على الحق .. ولا يكون له ضابط من العقيدة في الله، ومن الشريعة التي يسنّها الله، ومن كل منهج غير مستمدّ من الله .. فمن يكفر بهذا كله في كل صورة من صوره، ويؤمن بالله وحده، ويستمدّ من الله وحده فقد نجا .. وتتمثل نجاته في استمساكه بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها!
ونجد أنفسنا أمام صورة حسيّة لحقيقة شعوريّة ومعنويّة .. ذلك أن الإيمان بالله عزّ وجلّ عروة لا تنفصم أبدًا .. متينة لا تنقطع .. والذي يمسك بتلك العروة يمضي على هُدىً إلى ربّه، فلا يرتطم ولا يتخلّف، ولا تتفرّق به السبل، ولا يذهب به الشرود والضلال:{وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}!
يسمع منطق الألسنة، ويعلم مكنون القلوب!
ومن تأمّل سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، تبيّن له بجلاء ووضوح أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكره أحدًا على الإِسلام .. وأنه صالح اليهود حين قدم على المدنية وأقرّهم على دينهم