فهو يكشف عن الكائدين للإسلام في شخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهل بيته .. ويكشف للجماعة المسلمة عن ضرورة تحريم القذف .. ويبّين مدى الأخطار التي تحيق بالجماعة المسلمة لو أطلقت فيها الألسنة تقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، فهي عندئذ لا تقف عند حدّ .. إنما تمضي صعدًا إلى أشرف المقامات، وتتطاول إلى أعلى الهامات، وتعدم الجماعة كل وقاية وكل تحرّج وكل حياء!
أما الآلام التي عاناها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأهل بيته، والجماعة المسلمة كلها، فهي ثمن التجربة، وضريبة الابتلاء، الواجبة الأداء!
وإن الإنسان ليدهش -حتى اليوم- كيف أمكن أن تروج فرية ساقطة كهذه في جوّ الجماعة المسلمة حينذاك، وأن تحدث هذه الآثار الضخمة في جسم الجماعة، وتسبّب هذه الآلام القاسية لأطهر النفوس وأكبرها على الإطلاق!
لقد كانت معركة ضخمة خاضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وخاضتها الجماعة المسلمة يوم ذاك .. معركة ضخمة خاضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وخرج منها منتصرًا كاظمًا لآلامه الكبار، محتفظاً بوقار نفسه، وعظمة قلبه، وجميل صبره، فلم تؤثر عنه كلمة واحدة تدل على نفاذ صبره، وضعف احتماله!
ولو استشار كل مسلم قلبه يومها لأفتاه .. ولو عاد إلى منطق الفطرة لهداه .. والقرآن الكريم يوجه المسلمين إلى هذا المنهج في مواجهة الأمور بوصفه أول خطوة في الحكم عليها: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢)}!