العناصر كل حجاب .. حقاً إن سكان الأرض المستخلصين فيها لمخلوقات جامعة .. !
هذا هو نفس آدم ما أقدره في علم الكيف والكم! ولكن ما أجهله بأسرار العجز والفناء!
وأخيراً دوى صوت تفزّعت له الجنبات، واخترق بجلجلته ذرات النيرات:
(يا هذا! إن قصتك محزنة شائكة، وقدحك مليء بدموع مضطربة حيرى، ولقد أطافت صيحتك بالسماوات، فما أبعد قلبك المجنون عن قرار السكون، ولكنك على كل حال أعلنت شكواك، فأثبت قدرة الخالق فيك)!
لقد مددنا بساط الكرم، فأين السائلون، ومهدنا الطريق إلى المجد، فأين السالكون!
لقد أنزلنا الأنوار على الفطر، ولكن الجواهر ظلت غير قابلة، وكأن هذا التراب ليس الذي جبلت منه البداية الأولى للإنسانية العالية!
إن الإنس كما ترى قد نسوا ناموس فطرتهم، وتغيّر ترابهم، ولو أنهم أدركوا سرّ خلْقهم، وحكمة وجودهم، لأعطوا فوق ما يطلبون، ونالوا من العظمة فوق ما ينشدون، ولكن الأداة أدركها الفساد، ومالت القلوب إلى الإلحاد .. !
وهؤلاء المتأخرون في هذه الأمّة قد أصبحوا خجلاً لماضيها، وتوهيناً لعظمتها!