للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صاحب الاستفسار: إن لفظ (من بينك) إلحاقي زِيد تحريفاً، ويدل عليه ثلاثة أمور:

الأول: أن المخاطبين في هذا الموضوع كانوا بني إسرائيل كلهم لا البعض، فقوله: من بينك خطاب لجميع القوم، فصار لفظ من إخوتك لغواً محضاً لا معنى له، لكن لفظ من إخوتك جاء في الموضع الآخر أيضاً فيكون صحيحاً، ولفظ (من بينك) إلحاقياً زيد تحريفاً!

الثاني: أن موسى عليه السلام لما نقل كلام الله لإثبات قوله لم يوجد فيه هذا اللفظ، ولا يجوز أن يكون ما قال موسى مخالفاً لما قال الله!

الثالث: إن الحواريّين كلما نقلوا هذا الكلام لم يوجد فيه لفظ (من بينك)، وإن قلتم إن المحرف إذا حرف فلِمَ لمْ يحرف الكلام كله؟

قلت: نحن نرى في محاكم العدالة دائماً أن القبالجات المحرفة يثبت تحريف الألفاظ المحرفة فيها من مواضع أخرى منها غالباً (١)، وأن شهود الزور يؤخذ ببعض بياناتهم، فالوجه الوجيه على أن عادة الله جارية بأنه لا يهدي كيد الخائنين، وبأنه يظهر خيانة خائن الدين بمقتضى رحمته، فبمقتضى هذه العادة يصدر عن الخائن شيء ما تظهر به خيانته، على أنه لا توجد ملة يكون أهلها كلهم خائنين، فالخائنون الذين حرفوا كتب العهدين كان لهم لحاظ ما (٢)، من جانب بعض المتدينين، فلذلك بدلوا الكل!

أقول: هذا الجواب بالنسبة إلى عادة أهل الكتاب كما عرفت في الأمر السابع!


(١) لعل معنى القبالجات الوثائق والمستندات، ومعنى الجملة أنها على وجود التحريف فيها يحتج ببعض عباراتها على إثبات التحريف فيها و (كذا على غيره).
(٢) لعله أراد أن يقول: كان عليهم عيون ورقباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>