للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثلَ الأنبياء مِنْ قبْلي كمثَل رجل بَنى بيتاً فأحسنَهُ وأجمله، إِلاّ موضِع لبِنة مِنْ زاويةٍ، فَجعَل الناسُ يطوفونَ بهِ، ويعجبون له، ويقولون: هلًا وُضِعَتْ هذه اللَّبنة؟ قال: فأنا اللَّبنةُ، وأنا خاتم النبيين" (١)!

وفي رواية عن جابر رضي الله عنه: "مثَلي ومثلُ الأنبياء كرجل بَنى دارًا فأكملَها وأحسَنها، إِلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويتعجّبون، ويقولون: لولا موضعُ اللَّبنة"!

زاد مسلم: "فأنا موضع اللّبنة جئت فختمت الأنبياء" (٢)!

فهذا الحديث الشريف يضع النبوّة في أفقها الواقعي من آفاق الحياة، ويضع حملة لوائها من المصطفين لتلقّي كلمات الله في ذروة بناء الحضارة الإنسانية، حتى كأنهما حقيقة واحدة، هي التي تصنع الحياة، وتبني الحضارة الفكريّة والماديّة في صورة إنسانيّة موحّدة الإحساس والشعور والاتجاه!

فالحضارة الإنسانيّة الرفيعة، أو الحياة الإنسانيّة المهذّبة، في معنى هذا الحديث الشريف بناء وضع كل نبيّ من الأنبياء، وكل رسول من الرسل، لبنة في صرحه، حتى استقام مستعلياً سامقاً في أجواء الحياة، مزيّناً مجملاً، إلا موضع لبنة في زاوية من زواياه لم توضع، وبقي مكانها فارغاً، يُنْقِص من


(١) البخاري: ٦١ - المناقب (٣٥٣٥)، ومسلم (٢٢٨٦)، وأحمد: ٢: ٣٩٨، والبغوي (٣٦٢١)، والبيهقي: "الدلائل": ١: ٣٦٦، والآجري: الشريعة: ٤٥٦، والنسائي: الكبرى (١١٤٢٢)، وابن حبان (٦٤٠٥).
(٢) البخاري: ٦١ - المناقب (٣٥٣٤)، ومسلم (٢٢٨٧)، والترمذي (٢٨٦٢)، والطيالسي (١٧٨٥)، وابن أبي شيبة: ١١: ٤٩، وأحمد: ٣: ٣٦١، والبيهقي: ٩: ٥، و"الدلائل": ١: ٣٦٥، وابن حبان (٦٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>