للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عُمر: آلحبشيّة هذه؟ آلبحريّة هذه؟ قالت أسماء: نعم، قال: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله منكم، فغضبَتْ وقالت: كلاّ والله، كنتم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُطعم جائِعكم، وَيعظُ جاهلكُمْ، وكنّا في دار -أو في أرض- الْبُعَدَاء البُغَضَاء بالحبشة، وذلك في الله وفي رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وايم الله! لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً، حتّى أذكر ما قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحن كنّا نُؤْذَى ونُخاف، وسأذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأسأله، والله لا أكذبُ ولا أزِيغُ ولا أزيدُ عليه!

فلمّا جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: يا نبيّ الله، إن عُمر قال كذا وكذا. قال: "فما قلت له"؟ قالت: قلت له كذا وكذا، قال: "ليس بأحقّ بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان" قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالاً يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هُمْ به أفرح ولا أعظم في أنفسهم، ممّا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال أبو بردة: قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى، وإِنه ليستعيد هذا الحديث منّي.

وتعدَّدت الروايات في ذلك. (١)

وقد سرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيّما سرور لمجيء هؤلاء الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين .. هؤلاء الذين يعودون بعد هذه الفترة الطويلة، وأمر الإِسلام


(١) البخاري: ٦٤ - المغازي (٤٢٣٠، ٤٢٣١)، ومسلم (٢٥٠٣)، وانظر: أحمد: ٤: ٣٩٥، ٤١٢، والطيالسي (٥٢٦)، والحاكم: ٣: ٢١٢، وانظر: البخاري: (٣١٣٦، ٣٨٧٦، ٤٢٣٠، ٤٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>