والدوافع فيتشبّث هو بالصخرة التي لا تتزعزع، وتتهاوى من حوله الإسناد فيستند هو إلى الأصول التي لا تحول ولا تزول!
هذه هي قيمة العقيدة في حياة المؤمن، ومن ثمَّ يجب أن يستوي عليها، متمكّناً منها، واثقاً بها، لا يتلجلج ولا ينتظر عليها جزاء، فهي في ذاتها جزاء؛ ذلك أنها الحمى الذي يلجأ إليه، والسند الذي يستند عليه .. أجل هي في ذاتها جزاء على تفتّح القلب للنور وطلبه للهدى .. ومن ثمَّ يهبه الله العقيدة ليأوي إليها، ويطمئن بها .. هي في ذاتها جزاء يدرك المؤمن قيمته حين يرى الحيارى الشاردين من حوله تتجاذبهم الرياح، وتتقاذفهم الزوابع، ويستبدّ بهم القلق؛ بينما هو بعقيدته مطمئن القلب، ثابت القدم، هادئ البال، موصول بالله، مطمئن بهذا الاتصال!
وأمّا ذلك الصنف من الناس الذي يتحدث عنه القرآن هنا فيجعل العقيدة صفقة في سوق التجارة:{فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ}! وقال: إن الإيمان خير، فها هو ذا يجلب النفعِ ويدر الضرع، وينمّي الزرع، ويربح التجارة، ويكفل الرواج {وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ}!
خسر الدنيا بالبلاء الذي أصابه فلم يصبر عليها، ولم يتماسك له، ولم يرجع إلى الله فيه .. وخسر الآخرة بانقلابه على وجهه، وانكفائه عن عقيدته، وانتكاسه عن الهدي الديني الذي كان ميسّراً له!
والتعبير القرآني يصوّر عبادته لله {عَلَى حَرْفٍ}؛ لأنه غير متمكّن من العقيدة، ولا متثبّت في العبادة .. يصوره في حركة جسديّة متأرجحة قابلة للسقوط عند الدفعة الأولى، ومن ثمّ ينقلب على وجهه عند مسّ الفتنة ووقفته المتأرجحة تمهّد من قبل لهذا الانقلاب!