أن يحذروا من مواقعة المعاصي التي تؤدي بالأمة إلى الهلاك، وأن يحذّروا أممهم من ذلك، ويبصّروهم بعواقب العصيان والإفساد في الأرض، حتى لا يعرّضوا أنفسهم لعقوبة الله تعالى!
والفائدة الثالثة من هذا الإخبار، بيان أن الأمم المغلوبة تستطيع أن تستعيد قوّتها، وأن تستردّ مجدها السالف، إذا صحت عزائمها على طاعة الله تعالى، والعمل بما جاءهم به الأنبياء عليهم صلوات الله وتسليماته!
ومن فوائد إيراد هذا الخبر في القرآن الكريم، تنبيه اليهود المعاصرين للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن على شاكلتهم .. إلى سنّة من سنن الله تعالى في خلقه، وهي أن الإفساد في الأرض، والانصراف عن طاعة الله سبحانه، وتعدّي حدوده، والمخالفة لأوامره، والعصيان لرسله .. كل ذلك يؤدّي إلى الخسران في الدّنيا والآخرة، فعلى اليهود ومن على شاكلتهم أن يؤمنوا بخاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم -، الذي ثبتت نبوّته ثبوتاً لا شك فيه، حتى يسعدوا في دنياهم وأخراهم!
ثم بيّن الحق تبارك وتعالى أنه يسلّط عليهم بعد الإفساد الأول من يقهرهم، ويدمّرهم تدميراً، عقوبةً لهم على ما كان منهم فقال تعالى:
والمعنى: فإذا جاء وعد عقابكم، يا بني إسرائيل، على أولى المرّتين اللّتين تفسدون فيهما في الأرض، وجّهنا إليكم، وسلّطنا عليكم:{عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}! ذوي قوة وبطش في الحرب الشديد: {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ}! تردّدوا بين المساكن لقتالكم، وسلب أموالكم، وتخريب دياركم: {وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (٥)}!