للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي كان ذلك العقاب بسبب إفسادكم في الأرض وعداً نافذاً لا مردّ له، ولا مفرّ لكم منه!

وهكذا يفسد اليهود في الأرض، فيبعث الله عليهم عباداً من عباده أولي بأس شديد، وبطش وقوة، يستبيحون الديار، ويروحون فيها ويغدون باستهتار، ويطؤون ما فيها ومن فيها بلا تهيّب، وكان ذلك وعداً لا يتخلّف!

ثم بيَّن سبحانه أنه إذا ذاق بنو إسرائيل ويلات العذاب والقهر والذل (١)، فرجعوا إلى ربّهم، وأصلحوا أحوالهم، وأفادوا من البلاء المسلّط عليهم .. وحتى إذا استعلى الفاتحون، وغرّتهم قوّتهم، فطغوا هم الآخرون، وأفسدوا في الأرض، أدال الله للمغلوبين من الغالبين، ومكّن للمستضعفين من المستكبرين!

{ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (٦)}!

فمن الواجب أن تقدروا هذه النعمة، وتحسنوا الاستفادة منها، فقد جرت سنّة الله تعالى أن يمنّ على الذين استضعفوا في الأرض، ويجعلهم أئمة، ويجعلهم الوارثين، متى استقاموا على طريق الحق، وخافوا مقامه، ونهوا أنفسهم عن الهوى!

فعليكم يا بني إسرائيل، أن تذكروا نعمة الله عليكم، وأن تشكروه عليها أجزل الشكر، وأن تؤمنوا بنبيّه محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، الذي تعرفون صدقه كما تعرفون أبناءكم!


(١) في ظلال القرآن: ٤: ٢٢١٤ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>