للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تتكرَّر القصة من جديد!

وقبل أن يتمَّ السياق القرآني بقيّة النبوة الصادقة والوعد المفعول، يقرر قاعدة العمل، والجزاء: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}!

القاعدة التي لا تتغيّر في الدنيا والآخرة، والتي تجعل عمل الإنسان كله له، بكل ثماره ونتائجه .. وتجعل الجزاء ثمرة طبيعيّة للعمل، منه تنتج، وبه تتكيّف، وتجعل الإنسان مسؤولاً عن نفسه، إن شاء أحسن إليها، وإن شاء أساء، لا يلومنَّ إلا نفسه حين يحقَّ عليه الجزاء!

فإذا تقرّرت القاعدة مضى السياق يكمل النبوءة الصادقة:

{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (٧)}!

ويحذف السياق ما يقع من بني إسرائيل بعد الكرّة من إفساد في الأرض، اكتفاء بذكره من قبل: {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ}!

ويثبت ما يسلطه عليهم في المرّة الآخرة:

{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ}!

بما يرتكبونه معكم من نكال يملأ النفوس بالإساءة، حتى تفيض على الوجوه، أو بما يجبهون به وجوهكم من مساءة وإذلال .. ويستبيحون المقدّسات، ويستهينون بها:

{وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (٧)}!

يقال: تبَره وتبَّره، وتبّر الله عمل الكافرين: أي أهلكه (١).


(١) معجم مقاييس اللغة، ولسان العرب، والمفردات، والمعجم الوسيط (تبر).

<<  <  ج: ص:  >  >>