وقال جل شأنه: {وَلا تَزِد الظَّالمِينَ إِلَّا تَبَارًا (٢٨)} (نوح)!
وفي دوله: {وَلِيتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتبِيرًا (٧)}!
يقول ابن جرير: وليدمّروا ما غلبوا عليه من بلادكم تدميراً، يقال منه: دمرت البلد: إذا خرّبته وأهلكت أهله! (١)
وهي صورة للدمار الشامل الكامل الذي يطغى على كل شيء، والذي لا يُبقي على شيء، والذي نرى مشاهده في (غزَّة) الآن!
وكان من ضروب إفسادهم في الأرض في هذه المرّة الثانية قتلهم زكريّا ويحيى عليهما السلام -كما تنطق آثارهم- ومحاولتهم قتل عيسى عليه السلام، وعدم تناهيهم عن منكر فعلوه، واستحلالهم لمحارم الله .. إلى غير ذلك من الرذائل التي فشت فيهم، واشتهروا بها في كل زمان ومكان، وفي كل جيل وقبيل!
ثم بيّن الحق تبارك وتعالى أن هذا الدّمار الذي حلّ بهم بسبب إفسادهم في الأرض مرتين، قد يكون طريقاً لرحمتهم، وسبباً في توبتهم وإنابتهم، إن هم فتحوا قلوبهم للحق، واعتبروا بالحوادث الماضية، وفهموا عن الحق سنّته التي لا تتخلّف، وهي أن الإحسان يؤدّي إلى السعادة، والإفساد يؤدي إلى الهلاك!
{عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرحَمَكُمْ}! إن أفدتم منه عبرة!