ونتصوّر مشقّة الصبر أمام انتعاش الاضطهاد والتعذيب وانتفاخ الباطل وتورّمه .. وإمساك النفس على هذا راضيةً مطمئنّة إلى قدر الله -كما عرفنا- لا تتلفّت ولا تتردّد، يقيناً بوعد الله. وطلباً لمرضاته، وحنيناً إلى رضوانه .. ترقب رعاية القدرة التي لا أمن إلا في جوارها، والتي لا تقرب المخاوف من حماها!
ومن ثُمَّ أبصرنا استعلاء النفس المطمئنّة على الضرَّاء، فلا تصغر، والسرَّاء فلا تبطر، واللأواء، فلا تجزع ولا تضجر .. حيث تشرئب الأعناق، وتهفو القلوب. وتأنس النفوس، وترفرف الأرواح!
ونبصر استفهاماً استنكارياً لمفهوم الناس للإيمان، وحسبانهم أنه كلمة تقال باللسان ليس لها في الجَنان مكان .. ونبصر الإيمان أمانة الله في الأرض، لا يحملها إلا من هم لها أهل، وفيهم على حملها قدرة، وفي قلوبهم تجرّد وإخلاص!
ونبصر الحق أصيلاً في طبيعة الكون، عميقاً في تكوين الوجود .. ونبصر الباطل، لا أصالة فيه، ولا سلطان له، يطارده الحق فيدمغه، ولا بقاء لشيء يقذفه الحق فيدمغه:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}(الأنبياء: ١٨)!