للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخداع .. لحكمة أخرى: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (١١٣)}!

أي لتستمع إلى ذلك الخداع والإيحاء قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة .. فهؤلاء يحصرون همّهم كله في الدنيا، وهم يرون الشياطين في هذه الدنيا يقفون لكل نبيّ، وينالون بالأذى أتباع كل نبيّ، ويزين بعضهم لبعض القول والفعل، فيخضعون للشياطين، معجبين بزخرفهم الباطل، معجبين بسلطانهم الخادع، ثم يكسبون ما يكسبون من الإثم والشرّ والمعصية والفساد، في ظلّ ذلك الإيحاء، وبسبب هذا الإصغاء!

وهذا أمر أراده الله كذلك، وجرى به قدرة، لما وراءه من التمحيص والتجربة؛ ولما فيه من إعطاء كل أحد فرصته، ليعمل لما هو ميسّر له، ويستحق جزاءه بالعدل والقسطاس!

ثم لتصلح الحياة بالدفع، ويتميّز الحق بالمفاصلة، ويتمحّض الخير بالصبر، ويحمل الشياطين أوزارهم كاملة يوم القيامة .. وليجري الأمر كله وفق مشيئة الله .. أمر أعدائه وأمر أوليائه على السواء .. إنها مشيئة الله، والله يفعل ما يشاء!

والمشهد الذي يرسمه القرآن الكريم للمعركة بين شياطين الإنس والجنّ من ناحية، وكل نبيّ وأتباعه من ناحية أخرى، ومشيئة الله المهيمنة وقدره النافذ من ناحية ثالثة .. هذا المشهد بكل جوانبه جدير بأن نقف أمامه وقفة قصيرة!

إنها معركة تتجمع فيها قوى الشر في هذا الكون .. شياطين الإنس والجن .. تتجمّع في تعاون وتناسق لإمضاء خطة مقرّرة، هي عداء الحق الممثّل

<<  <  ج: ص:  >  >>