للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٨١)} (النساء)!

وهنا نذكر ما رواه الحاكم وغيره بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له، أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا نبيّ الله: كنا في عزّة، ونحن مشركون، فلمّا آمنّا صرنا أذلّة، فقال: "إِني أُمرت بالعفو، فلا تقاتلوا القوم"، فلمّا حوّله إِلى المدينة، أمره بالقتال، فكفّوا، فأنزل الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ}! (١) واختلف في سبب النزول! (٢) ويتضح ذلك فيما يلي:

في هذه الآيات نبصر أمر هؤلاء الذين كانوا يتدافعون حماسة إلى القتال (٣)، ويستعجلونه وهم في مكة، يتلقون الأذى والاضطهاد، والفتنة من المشركين، حين لم يكن مأذوناً لهم في القتال، للحكمة التي يريدها الله، فلمّا أن جاء الوقت المناسب الذي قدّره الله، وتهيأت الظروف المناسبة، وكُتب عليهم القتال -في سبيل الله- إذا فريق منهم شديد الجزع، شديد الفزع، حتى ليخشى الناس الذين أمروا بقتالهم -وهم ناس من البشر- كخشية الله، القهار الجبّار، الذي لا يعذّب عذابه أحد، ولا يوثق وثاقه أحد {كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}!


(١) الحاكم: ٢: ٦٦، ٦٧، ٣٠٧، وقال: على شرط البخاري، ووافقه الذهبي، والنسائي: ٦: ٣، والتفسير (١٣٢)، وابن جرير: ٥: ١٠٨، والبيهقي: ٩: ١١.
(٢) انظر: تفسير الشوكاني: ١: ٥٧٩، والواحدي: أسباب النزول: ٦٥، ٩٦.
(٣) في ظلال القرآن: ٢: ٧١٢ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>