الآخرة، والمتاع فيها هو المتاع -فضلاً عن أن المتاع فيها طويل كثير- فهي {خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى}!
وتذكر التقوى هنا والخشية والخوف في موضعها .. التقوى لله، فهو الذي يُتقى، وهو الذي يُخشى، وليس الناس -كما سبق:{إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}!
والذي يعمر قلبه الخوف من الله لا يخاف أحداً، فماذا يملك أحد إذا كان الله لا يريد؟! {وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٧٧)}!
فلا غبن ولا ضير ولا بخس، إذا فاتهم شيء من متاع الدنيا، فهناك الآخرة، وهناك الجزاء الأوفى، الذي لا يبقى معه ظلم ولا بخس في الحساب الختامي والآخرة جميعاً!
ولكن بعض الناس قد تهفو نفسه -مع هذا كله- إلى أيَّام تطول به، في هذه الأرض! حتى وهو يؤمن بالآخرة، وهو ينتظر جزاءها الخير .. وبخاصة حين يكون في المرحلة الإيمانيّة التي كانت فيها هذه الطائفة!
هنا تجيء اللمسة الأخرى .. اللمسة التي تصحّح التصور عن حقيقة الموت والحياة، والأجل والقدر، وعلاقة هذا كله بتكليف القتال، الذي جزعوا له هذا الجزع، وخشوا الناس فيه هذه الخشية:{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}!
فالموت حتم في موعده المقدّر، ولا علاقة له بالحرب والسلم، ولا علاقة له بحصانة المكان الذي يحتمي به الفرد أو قلة حصانته، ولا يؤخّره أن يؤخَّر عنهم تكاليف القتال إذن، ولا هذا التكليف والتعرّض للناس في هذا الجهاد يعجله عن موعده!