للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسيّة داخليّة لوهن العقيدة، وخور القلب، والاستعداد للانسلاخ من الصفّ بمجرّد مصادفة، غير مبقين على شيء، ولا متجمّلين لشيء: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (١٤)}!

هكذا يكشفهم القرآن، ويقف نفوسهم عارية من كل ستار .. ثم يصمهم بعد هذا بنقض العهد، وخلف الوعد، ومع من؟ مع الله الذي عاهدوه من قبل على غير هذا، ثم لم يراعوا معِ الله عهداً: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (١٥)}!

ويقرّر القرآن إحدى القيم التي يقرّرها في أداتها، ويصحح التصوّر الذيِ يدعوهم إلى نقض العهد والفرار: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٧)}!

إن قدر الله هو المسيطر على الأحداث والمصائر، يدفعها في الطريق المرسوم، وينتهي بها إلى النهاية المحتومة، والموت أو القتل قدر لا مفرّ من لقائه، في موعده، لا يستقدم لحظة ولا يستأخر .. ولن ينفع الفرار في دفع القدر المحتوم عن فارّ، فإذا فرّوا فإنهم ملاقون حتفهم المكتوب، في موعده القريب، وكل موعد في الدنيا قريب، وكل متاع فيها قليل، ولا عاصم من الله ولا من يحول دون نفاذ مشيئته، سواء أراد بهم سوءاً أم أراد بهم رحمة، ولا مولى لهم ولا نصير، من دون الله، يحميهم ويمنعهم من قدر الله!

فالاستسلام الاستسلام، والطّاعةَ الطّاعةَ، والوفاءَ الوفاء بالعهد مع الله، في السرّاء والضرّاء، ورجع الأمر إليه، والتوكّل الكامل عليه!!!

<<  <  ج: ص:  >  >>