سيرة سيّد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه تزيّد باجتهاده متعالماً، واختلق للقصّة سبباً وحكمةً، لم يسبقه إليهما أحدٌ من ملّة الإِسلام، زعم أنها وقعت لهذا السبب، بتلك الحكمة، وخف على نفسه ودينه أن يقيم منهما حكماً على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليكشف أنه كان مفتقراً إلى (التأديب) لأنه افتأت على إرادة الله وقدره، فأراد إيمان الناس جميعاً، والله لم يرد ذلك ولا قدّره، فكان - صلى الله عليه وسلم - محلاً للتأديب والتصفية من آثار هذه الإرادة حتى تفنى إرادته في إرادة الله تعالى، فلا يريد إلا ما يريد الله، ويقدّره، فسلّط عليه الشيطان ليغويه، ويلقي على لسانه في أثناء تلاوته لآيات الله المنزلة من عند الله كلمات كافرة تمدح الأوثان، وتجعل منهم شفعاء لعابديهم، تُرضي شفاعتهم وتُرتجى، وإذا كان شيء غير أكفر الكفر وصفاً يمكن أن يوصف به هذا الهوج الأحمق فليكن هذا الوصف مستعاراً لنعت موقف الكوراني إبراهيم بن حسن (خاتمة المتزندقين في عصره)!
فإذا قيل للشيخ إبراهيم الكوراني: إن الله تعالى عصم أنبياءه عن تسلّط الشيطان عليهم، وأخبر عن هذه العصمة في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (٤٢)} (الحجر)!
وفي قوله تعالى حاكياً على لسان إبليس استثناءهم من إغوائه: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)} (ص)!
قال: في تأويل آيات الله في (فلسفة متزندقة) لم يجرؤ أحد من مثبتي (أبطولة الغرانيق) على القول بمثله: إن السلطان المنفي هو الإغواء، أعني التلبيس المخلّ بأمر الدّين، وهو الذي وقع الإجماع على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم منه، وأما الإغواء غير المخلّ بأمر الدّين فلا دليل على نفيه ولا إجماع على العصمة منه، إذن هناك إغواء للشيطان في زعم هذا الكوراني، إغواء يخلّ بأمر