وعاشها مع الروح الأمين .. مكشوفة عنه الحجب (١)، مزاحة عنه الأستار .. يتلقَّى من الملأ الأعلى .. يسمع ويرى .. ويحفظ ما وعى .. وهي لحظات خصّ بها ذلك القلب المصفّى، ولكن الله يمنّ على عباده، فيصف لهم هذه اللحظات وصفاً موحياً مؤثراً، ينقل أصداءها وظلالها وإيحاءها إلى قلوبهم .. حتى لكأنهم كانوا شاهديها!
وتطالعنا نفحات مباركات طيبات .. تمسّ القلوب، ويرتجف لها الكيان تحت وقع اللمسات المتتابعة .. والغيب المحجوب لا يراه إلا الله، والعمل المكتوب لا يندّ ولا يغيب عن الحساب والجزاء .. والمنتهى إلى الله في نهاية كل طريق يسلكه العبيد، والحشود الضاحكة، والحشود الباكية .. وحشود الموتى، وحشود الأحياء .. والنطفة تهتدي في الظلمات إلى طريقها، وتخطو خطواتها وتبرز أسرارها فإذا هي ذكر وأنثى .. والنشأة الأخرى ومصارع الغابرين {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (٥٣) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (٥٤)}!