ابن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة: والله! لو أنّي أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال له: أرأيت إِن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: "الأمر لله يضعه حيث يشاء"!
قال: فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإِذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا! لا حاجة لنا بأمرك، فأَبَوْا عليه!
قال ابن إِسحاق: فلما صدر الناس رجعتْ بنو عامر إِلى شيخ لهم، قد كانت أدركتْه السنّ، حتّى لا يقدر أن يوافي معهم الواسم، فكانوا إِذا رجعوا إِليه حدّثوه بما يكون في ذلك الموسم، فلمَّا قدموا عليه ذلك العام سألهم عمّا كان في موسمهم، فقالوا: جاءنا فتىَ من قريش، ثم أحدُ بني عبد المطَّلب، يزعم أنه نبيّ، يدعونا إِلى أن نمنعه ونقوم معه، ونخرج به إِلى بلادنا، قال: فوضع الشيخ يديه على رأسه، ثم قال: يا بني عامر، هل لها من تلافٍ؟ هل لذُناباها من مطلب؟ والذي نفسُ فلان بيده! ما تقوّلها إِسماعيلي قطّ، وإِنها لحق، فأين رأيكم كان عنكم!
قال ابن إِسحاق: فكان رسول - صلى الله عليه وسلم - على ذلك من أمره، كلما اجتمع له الناس بالوسم أتاهم يدعو القبائل إِلى الله، وإِلى الإِسلام، ويعرض عليهم نفسه، وما جاء به من الله من الهُدى والرحمة، وهو لا يسمع بقادم يقدم مكّة من الدرب، له اسم وشرف، إِلا تصدَّى له، فدعاه إِلى الله، وعرض عليه ما عنده!
قال ابن إِسحاق: وحدثني عاصم بن عُمر بن قَتادة الأنصاريّ، ثم الظّفَريّ، عن أشياخ من قومه، قالوا: