للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهجرة، حتّى لا يتوهّم أحدٌ أن له مدخلاً في دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو يظن أن المسألة قبليّة أو أسريّة، أو زعامة ومنصب!

وحينئذ نالت قريش من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش، فنثر على رأسه تراباً (١)، ودخل على بيته ووضع على رأسه التراب، فغسلته عنه إحدى بناته، وهي تبكي، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لها: "لا تبكي يا بنيّة، فإِن الله مانع أباك"، ويقول: "ما نالت منّي قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب" (٢).

وسبق ذكر بعض الروايات في ذلك!

وقد سمّى بعض المؤرّخين هذا العام (عام الحزن)، لشدة ما كابد في هذا العام من الشدائد في سبيل دعوة الحق، وتضييق قريش الخناق عليه في محاولة منهم لإغلاق أبواب الدعوة في وجهه - صلى الله عليه وسلم -!

ولا نميل إلى الموافقة على هذه التسمية (عام الحزن) لأنها وردت في حديث رواه القسطلاني في المواهب، ومن رواته (صاعد)، وهو غير ثقة؛ ولأن حياته - صلى الله عليه وسلم - كانت شدائد يعجز الخيال المحلّق ذاته في تصوّر أحداثها، وقد تواترت الأدلة في ذلك. (٣)


(١) انظر: ابن هشام: ٢: ٦٦ بدون إسناد.
(٢) السابق: ٦٧ بإسناد حسن، ولكنه مرسل.
(٣) انظر: الألباني: دفاع عن الحديث النبوي والسيرة: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>