قال العلماء: في هذه القصة دليل على وفور فقهها؛ لأنها لم تقل (وعليه السلام) كما وقع لبعض الصحابة، حيث كانوا يقولون في التشهد:(السلام على الله)، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال:"إِن الله هو السلام، فقولوا: التحيات لله ... "
فعرفت خديجة لصحة فهمها، أن الله لا يردّ عليه السلام، كما يردّ على المخلوقين؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضاً دعاء بالسلامة، وكلاهما لا يصح أن يردّ به على الله، فكأنها قالت: كيف أقول عليه السلام، والسلام اسمه، ومنه يطلب، ومنه يحصل؛ فيستفاد منه أن لا يليق بالله إِلا الثناء عليه، فجعلت مكان ردّ السلام عليه، ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره فقالت:(وعلى جبريل السلام) ثم قالت: (وعليك السلام).
أجل! إنها أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وأم ولده، إلا إبراهيم عليه السلام، فأمه السيدة مارية القبطيّة رضي الله عنها .. وماذا يستطيع القلم أن يكتب وهو سابح في آفاق هذه الحياة المباركة الطيّبة ليستشفّ ويرى ويكتب؟!
وسبق أن ذكرنا في حديثنا عن بدء الوحي تصديقها للنبي - صلى الله عليه وسلم - في أوّل وهلة، وثباتها في الأمر مما يدل على قوّة يقينها، ووفور عقلها، وصحة عزمها رضي الله عنها!