للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لرسالته (١)، وما سبق مولده من سمات تلقي أضواء رحمانية على طريقة الدعوة المحمديّة، ومولد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ونشأته، حتى مبعثه .. وما جاء بعد ذلك من دعوة الناس إلى (الدّين القيّم) .. وما لقي في سبيل نشر هذا الذين من معارضة، وما جرى بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين من عارضوه من صراع بالبيان والسنان، وذكر من استجاب له - صلى الله عليه وسلم -، حتى علت راية الحق، وأضاءت شعلة الإيمان!

إنها نور وهّاج، أفضى إلى ظلمات الجهل والوثنيّة، فانجابت كما ينجاب الغمام، وهدى من الله -عَزَّ وَجَلَّ- أرسله إلى الإنسانيّة الضالّة، فانتشلها من ضياع، وانتاشها من هلاك، وأنقذها مما كانت تتخبّط فيه من دياجير الظلام، وعقابيل الضلال!

إن الله عز وجل خلق محمداً - صلى الله عليه وسلم - بشراً سويًّا، ولكنه فوق سائر البشر، وآثاره التي حملتها الأجيال من بعده فوق القُدَر، ونحن معشر المتبعين كان فينا شرف هذا الاتباع إنما ندرك بالتصوير أمثالنا، ومن خواطرنا ومنازع نفوسنا نتعرف نفوس غيرنا، ونحكم على أحوالهم، وإن حاولنا أن ندرك من هو أعلى منا فإنه يجب أن يكون علوه على مَرأى أنظارنا، وفي مطالع آفاقنا، وعندئذ نحاول، وقد نصل .. ولكن الحديث عن حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، في علو لا نصل إليه، وفي سماك لا نراه، وليس منّا من يقاربه حتى نتمثّله ونتخيّله، فأنّى لأمثالنا أن يكتب في شأنه، وأن يعلو إلى قدره؟!

إن ذلك لأمر فوق المنال، ويعلو على مدارك الخيال!


(١) انظر مقدمة كتابنا: الجامع الصحيح للسيرة النبوّية: ٨ وما بعدها، مكتبة المنار الإسلاميّة، ومؤسسة الريّان، ط أولى ١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>