وفي حديثه: فأخذ أبيّ بن كعب ذلك الجذع لمَّا هدم المسجد، فلم يزل عنده، حتى بلي وعاد رفاتاً!
ثم قال: وفي حديث بريدة عند الدارمي، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال له:
"اختر أن أغرسك في المكان الذي كنت فيه، فتكون كما كنت -يعني قبل أن تفسير جذعاً- وإن شئت أن أغرسك في الجنّة، فتشرب من أنهارها، فيحسن نبتك وتثمر، فيأكل منك أولياء الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اختار أن أغرسه في الجنة".
قال البيهقي: قصّة حنين الجذع من الأمور الظاهرة، التي حملها الخلف عن السلف ... وفي الحديث دلالة على أن الجمادات قد يخلق الله لها إدراكاً كالحيوان، بل كأشرف الحيوان، وفيه تأييد لقول من يحمل {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّح بِحَمْدِهِ}(الإسراء: ٤٤)! على ظاهره، وقد نقل ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن أبيه عن عمرو بن سواد عن الشافعي قال: -كما سبق- ما أعطى الله نبيًّا ما أعطى محمداً، فقلت: أُعطي عيسى إحياء الموتى، قال: أعطى الله محمداً حنين الجذع، حتى سمع صوته، فهذا أكبر من ذاك!
ويطول بنا الحديث لو حاولنا ذكر الأحاديث في استجابة الجمادات لدعائه - صلى الله عليه وسلم - لها وإتيانها إليه .. وإبراء المرضى وردّ ما انفصل من أعضاء الإنسان .. وغير ذلك من الروايات الصحيحة وفق قواعد التحديث رواية ودراية!