للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بسورة واحدة من مثله!

انظر كيف تنزّل معهم في هذه المرتبة من طلب المماثل إلى طلب شيء مما يماثل، كأنه يقول:

لا أكلفكم بالمماثلة العامة، بل حسبكم أن تأتوا بشيء فيه جنس المماثلة ومطلقها، وبما يكون مثلاً على التقريب لا التحديد!

وهذا أقصى ما يمكن من التنزّل، ولذا كان هو آخر صنيع التحدّي نزولاً، فلم يجيء التحدّي بلفظ (من مثل) إلا في سورة البقرة المدنيّة، وسائر المراتب بلفظ (مثله) في السور التي نزلت قبل ذلك بمكّة!

فتأمّل هذا الفرق فإنه طريف، وأسأل الله أن يوفقنا وإيّاك لفهم أسرار كتابه والانتفاع بهدايته وآدابه!

وأباح لهم في كل مرّة أن يستعينوا بمن شاؤوا ومن استطاعوا، ثم رماهم والعالم كله بالعجز في غير مواربة، فقال تعالى:

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)} (الإسراء)

وقال:

{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)} (البقرة: ٢٤)!

فانظر أيّ إلهاب!

وأيّ استفزاز!

<<  <  ج: ص:  >  >>